مشكلة الطلاق العاطفي

خلاصة كتاب

دليل الإرشاد الأسري (6)

مشكلة الطلاق العاطفي

وكيف يتعامل معها المرشد

إعداد: نخبة من المختصين والمختصات

الإشراف العام: د. عبد الله بن ناصر السدحان

مقدمة:

إن مقاربة مصطلح "الطلاق العاطفي" مع "الطلاق الشرعي" تجعله أمراً مهماً ومخيفاً، لكونه مؤدياً إلى حدوث الآخر. ومشكلة الطلاق العاطفي من المشكلات التي ظهرت في الأسر الجديدة نتيجة للحياة المعاصرة ومتطلباتها؛ لذا ارتأى الدليل توجيه عين اهتمام المرشدين في الإرشاد الأسري إلى أهمية هذه المشكلة، من خلال شرح خصوصيتها ومسبباتها، وإعطاء الإرشادات التوجيهية الأمثل من قبل المختصين والمختصات كل في مجاله.

الفرق بين الطلاق العاطفي والطلاق الشرعي والهجر:

الطلاق العاطفي بالمفهوم الإرشادي هو هجر الزوج زوجته، سواء في العلاقة العاطفية أو في المحادثة، وفقدان المودة والسكن النفسي بين الزوجين، مع قيام الزوج بالحقوق الزوجية الأخرى كالنفقة وتأمين السكن، بحيث يظهر للناس استقامة العلاقة الزوجية بينما الواقع خلاف ذلك. أما الطلاق الشرعي فهو حل قيد النكاح أو بعضه، وذلك بظهور لفظ الطلاق، عكس الطلاق العاطفي الذي لا يصدر بخصوصه لفظ طلاق، وإنما انفصال جسدي وعاطفي دون صدور طلاق شرعي.

الهجر في العلاقة الزوجية:

الهجر هو الاسم الشرعي للطلاق العاطفي، حيث يلجأ له البعض للتأديب، وللهجر أو الطلاق العاطفي في الشرع مدة زمنية محددة، لأن الشرع معنِي بعدم توسيع دائرة الخلاف الأسري، فيبدأ بالهجر في الكلام، بشرط ألا يتجاوز ثلاثة أيام، ومن ثم الهجر في المضاجع، ووفق أهل العلم لا يجوز أن يتجاوز الشهر، ويمكن قطع المدة قبل انتهائها على أمل أن تعود الزوجة لرشدها.

مراحل الطلاق العاطفي:

  1. المقاومة: حيث يبدأ أحد الأطراف بالانزعاج من تصرفات معينة.
  2. الغيظ: عند عدم معالجة المقاومة السابقة؛ ستتحول إلى غيظ وغضب.
  3. الرفض: بعد أن يتنامى الغيظ، وتعددت المواقف؛ تبدأ المهاجمة اللفظية أو العملية.
  4. الكبت: بعد التعب من الهجوم المتكرر، يلجأ الشريك إلى تخفيف الألم بتجاهله.

المظاهر والمؤشرات الدالة على وجود الطلاق العاطفي:

  •  الصمت وغياب الحوار.
  • الانسحاب من المعاشرة الزوجية.
  • جمود العواطف.
  • غياب البهجة والفرح والمودة.
  • النفور من الطرف الآخر.
  • الشعور بالندم على الارتباط بالطرف الآخر.
  • التفكير في الطلاق.
  • رمي المسؤوليات على الطرف الآخر.
  • الإهمال والأنانية واللامبالاة.
  • البحث عن بدائل.

سمات الأزواج والزوجات المعرضين للطلاق العاطفي:

  1. سمات نفسية وشخصية: الشخصية الحساسة، والشكاكة، والصامتة، والوسواسية، والتجنبية، والحدية، والانفعالية الغاضبة، والاعتمادية، والمتسلطة.
  2. السمات الاجتماعية: عدم ضبط الأسرة، وعدم الاهتمام بأهل الطرف الآخر، وحرمان الزوج أو الزوجة من التواصل الاجتماعي، مع الشعور بالرتابة والملل، وعدم ممارسة الهوايات، وإهمال المظهر والعناية الشخصية، والغياب المتكرر عن المنزل، وإدمان المخدرات أو الكحول، وعدم الرغبة في الإنجاب.
  3. السمات الاقتصادية: إهمال متطلبات الأسرة، ومرور الزوج بصعوبات مالية، واستغلال ممتلكات الزوجة، وصعوبات العمل التي قد يواجهها الزوج.
  4. السمات الجنسية: عدم امتلاك الثقافة الكافية لاحتواء الطرف الآخر جنسياً؛ ما يؤدي إلى مشاهدة الأفلام والصور الإباحية، والأنانية الجنسية، والميل إلى الخيانة.

أسباب ظهور الطلاق العاطفي:

  1. أسباب متعلقة بالزوج: مثل ضعف صلته بالله، وإهماله وتجاهله طلبات زوجته، ومقارنتها بالأخريات، وعدم غض بصره، والسب، والإيذاء الجسدي، والتهديد بالطلاق أو الزواج، والعصبية، واختصار الواجبات الزوجية في النفقة، وإهمال المظهر، والنشأة في بيئة جافة عاطفيّا، وسوء استخدام وسائل التواصل والتقنيات.
  2. أسباب متعلقة بالزوجة: ضعف صلتها بالله، وجهلها بحقوق زوجها عليها، وتقصيرها في التزيّن له، والاهتمام بالأبناء على حسابه، وكثرة الشكوى، والبخل في المشاعر، والتعامل المستفز، والتغيرات النفسية الناتجة عن التقلبات الهرمونية والبيولوجية.
  3. أسباب متعلقة بالزوجين معاً: عدم تقديم التنازلات، وقلة التحاور، والسماح للأهل بالتدخل، والاسترسال في الحياة الشخصية دون اعتبار للطرف الآخر، واختلاف التنشئة والعادات والاهتمامات، ووجود مرض عقلي أو نفسي، وعدم التجديد، وتراكم الضغوط المهنية والنفسية، وعدم التغاضي عن الأخطاء، وقلة الصراحة.
  4. أسباب متعلقة بالمجتمع: سيطرة النواحي المادية في المجتمع، وزيادة الضغوط النفسية، ونقص المهارات الإيجابية بين الأفراد، وحرص الأهل على عدم حصول الطلاق الرسمي، ونظرة المجتمع السلبية للمطلقة، وعدم وجود نظام يفي بحاجة المرأة المطلقة، وشيوع مفاهيم خاطئة عن المرأة، وسيادة النظرة الذكورية، وتعامل الأب والإخوة بقسوة وجفاف مع نسائهم، ومطالبة الجميع للمرأة بالتضحية.

الآثار المترتبة على الطلاق العاطفي:

  1. التأثير على الزوجين: حدوث الملل والفتور، وحدوث مشكلات صحية بسبب الغضب، وانعدام الرغبة الجنسية، وفقدان الشهية للطعام، وزيادة الانفعالات، وفقدان الثقة في النفس، ولوم الذات، والشعور بالنبذ وعدم الأمان، وغياب الفرحة والسرور، وظهور العنف الجسدي واللفظي والجنسي، وتبلد المشاعر، وحدوث الإهمال واللامبالاة، وشيوع الصمت وانعدام التواصل، وتنامى الكره والبغض، والتفكير الجدي في الطلاق، وتفشى الأسرار الزوجية، ووقوع الخيانة.
  2. التأثير على الأبناء: معايشة نموذج سيء للعلاقة الزوجية، وتشوه صورة الأب والأم، وإذاعة أسرار الأسرة، ومحاولة الهروب من الواقع، والشعور بعدم الاستقرار النفسي، والخوف من المستقبل، وتأثر المستوى التعليمي، وتراجع التوافق بين الأطفال، والشعور بالذنب واللوم، وظهور سلوك عدواني تجاه الرفاق في المدرسة، والإصابة بالاضطرابات السلوكية مثل ضعف الشخصية والتبول اللاإرادي وقضم الأظافر.

توجيهات للمسترشدين للتعامل مع مشكلة الطلاق العاطفي:

على المرشد توجيه الإرشادات التالية للزوجة:

  1. استقبال الزوج عند الباب وتقبيله.
  2. عدم معاتبته بطريقة انتقادية مباشرة.
  3. التحلي بالصبر.
  4. إظهار الأنوثة له.
  5. إسماعه كلمات الحب والمشاعر.
  6. التغاضي عنن هفواته.
  7. الحذر من انتقاد ولومه ومقارنته بآخرين.
  8. تهيئة البيت ليكون جنّته.
  9. عدم مناقشته في المشاكل داخل غرفة النوم.
  10. أهمية إشعاره بالثقة والأهمية.
  11. مشاركته اهتماماته وهواياته.

وعليه توجيه الزوج إلى الأمور التالية:

  1. المبادرة بالسلام على الزوجة وتقبيلها عند العودة إلى البيت.
  2. امتداح مظهرها وأناقتها مهما تواضعت.
  3. إخطارها عند الخروج.
  4. مساعدتها في الأعمال المنزلية.
  5. إسماعها كلمة "أحبك".
  6. إمساك يدها عند مجالستها والسير معها.
  7. تقديم الهدايا له بين فينة وأخرى.
  8. امتداح طبيخها وحسن إدارتها منزلها.
  9. عدم ذكر ضغوط العمل في حضرتها.
  10. الاعتذار لها إذا أخطأ في حقها.
  11. تثقيفها زواجيا وجنسيا.
  12. التغاضي عن هفواتها.

الطلاق الشرعي أم الطلاق العاطفي؟ التكيّف مع الطلاق العاطفي:

على المرشد مساعدة المسترشدة بما يلي قبل اتخاذ مثل قرار الطلاق الشرعي:

  • التأكيد على أهمية الاستعانة بالله.
  • التعامل مع التوقعات بواقعية حول ما سينتج عن القرار، ودراسة إمكانية الوصول إلى تلك النتائج التي في ذهن المسترشد.
  • التبصير بأن الزواج له مراحل ودورات صراع.
  • التدريب على مهارتي الاتصال وحل المشكلات.
  • الاسترخاء حتى يعرف المسترشد مواطن القوة والضعف لديه.
  • جمع المعلومات ودراستها والتأكد من مصداقيتها.
  • تنحية الضغوط النفسية أو الجسدية.
  • إعمال العقل بالخبرة والتوكل على الله.
  • دراسة عواقب القرار لفترات زمنية مختلفة.
  • مصارحة النفس لترتيب أولوياتها الحياتية.
  • اتخاذ الصدق والشجاعة شعارًا.
  • مجالسة أشخاص إيجابيين متفائلين.
  • التيقن من أن حياة الفرد ملكه ومن حقه الحفاظ عليها.