مشكلة الخيانة الزوجية

خلاصة كتاب
دليل الإرشاد الأسري (5)
مشكلة الخيانة الزوجية
وكيف يتعامل معها المرشد
إعداد: نخبة من المختصين والمختصات
الإشراف العام: د. عبد الله بن ناصر السدحان
مقدمة:
هذا الجزء الخامس من سلسة الإرشاد الأسري يتناول مشكلة الخيانة الزوجية، وهي من المشاكل المنتشرة ما بين الأزواج، وتتطلب التدخل المبكر لتدارك الأمر وعدم السماح بتطوره. ويعطي الدليل التوجيهات المناسبة للتعامل مع المشكلة، والتي يجب أن يطلع عليها كل مرشد، لأنها تثري معلوماته في المشكلة بصورة أكبر وأشمل، لينجح في مسعاه أثناء العملية الإرشادية.
الميثاق الغليظ والخيانة الزوجية:
حرص الشرع على بيان وجوب العشرة بالمعروف، والتي تشمل العشرة القولية والفعلية. فالزواج ميثاق غليظ بين الزوجين، يجب أن يهتم كلا الزوجين به، وعليهما عدم التفريط فيه.
وقبل الدخول في تفاصيل موضوع الخيانة الزوجية، ينبه الدليل على بعض الأمور المهمة، كما يلي:
- الخيانة الزوجية على درجات.
- الأصل السلامة وحسن الظن.
- ينبغي الحذر من التجسس.
- ينبغي الحرص على الستر.
- ينبغي الترغيب في التوبة إلى الله تعالى.
- أهم الأسباب التي تدفع إلى الخيانة الزوجية هي ضعف الوازع الإيماني، وعدم إشباع الرغبة الجنسية بين الزوجين.
المقصود بالخيانة وأنواعها وتصنيفاتها:
يمكن تعريف الخيانة الزوجية بأنها كل سلوك من شأنه الإضرار بالشريك الزوجي، أو كما يعرفها القانون باقتراف جريمة الزنا باتصال جنسي أو معاشرة بين شخص متزوج وآخر. وواقع الأمر يثبت أن الزوج هو الأكثر خيانة من الزوجة.
والخيانة تمر بمراحل: العزوف، البحث، التعرف، الاصطحاب، الثبوت. وكل مرحلة لها مدة زمنية تختلف من شخص لآخر، فهي لا تحدث في لحظة.
أسباب حدوث الخيانة الزوجية:
- الأسباب الشخصية: وتتضمن انخفاض مستوى التدين، وضعف الشخصية، وعدم التحكم في الشهوات، والعلاقات السابقة قبل الزواج، إلى جانب سوء الاختيار وعدم القناعة بمواصفات الزوج أو الزوجة، وإصابة أحد الزوجين بمرض أو عجز، وعدم إشباع العاطفة، والحاجة إلى المال.
- الأسباب الاجتماعية: وتشمل الاختلاط المحرم في العمل والمناسبات، وسوء استخدام وسائل التواصل والإعلام، والتعرض للقنوات الإباحية، ومجالسة جلساء السوء الذين يسهلون الانقياد للغواية والخيانة.
العلامات الدالة على الخيانة:
- التحجج بالعمل: يتخذ الرجل العمل مبررا لتأخره ولتغيبه في العطلات الأسبوعية.
- تغيرات في طبيعة العلاقة الجنسية: طلب وسائل وأوضاع جنسية غير مألوفة سابقاً.
- المال: كثرة المال بيد الرجل، وقلة المال بيد الزوجة.
- الأبناء: اتخاذ تصرفات الأبناء عذرا للهروب من المنزل.
- التغيرات في السلوك الاجتماعي: تغيّر الأماكن التي يذهب إليها الزوجان، أو تغيير الأصدقاء، أو مخالفة ما هو متفق عليه بين الزوجين في المناسبات المشتركة.
- تغيرات في الحالة العاطفية للعلاقة الزوجية: ظهور الجمود العاطفي بدون أسباب.
- علامات أخرى: العلاقات قبل الزواج وضعف القيم وانخفاض الرضا الزواجي.
الآثار الناتجة عن الخيانة الزوجية:
- الآثار الشرعية: عدم الوفاء بالحقوق الشرعية التي أوجبها الله ورتبها على الطرفين.
- الآثار الاجتماعية: سوء التوافق الأسري، وإهمال الأبناء وتمردهم، وكثرة الخلافات، والانحرافات الأخلاقية والفكرية.
- الآثار النفسية: ضعف الثقة بين الزوجين وبين الأبناء وآبائهم، وعدم الاستقرار العاطفي، وتنامي شعور الكراهية والحقد، والإحباط، والانطواء والعدوان.
- الآثار الصحية: انتشار الأمراض بسبب العلاقات غير المشروعة، واضطرابات النوم، والخوف، والاضطرابات الانفعالية.
- الآثار الاقتصادية: عدم قيام الزوج بالنفقة الشرعية على الزوجة والأبناء، وانتشار الفقر والبطالة، وزيادة الإنفاق العام على دور الرعاية الاجتماعية.
- الآثار المترتبة على المجتمع بصفة عامة: تدهور البيوت وعدم استقرار الأسر، وانتشار الأمراض، وانتشار الفقر، وانتهاك الأعراض، وانحلال الروابط الأسرية، وانتشار الجريمة، واختلاط الأنساب.
خطوات عملية للزوجة للتعامل مع الخيانة الزوجية:
ينصح علماء النفس المرأة بعدم كبت مشاعرها، وبالتحدث لأقرب إنسان إليها لتفريغ غضبها، ومن ثم اتخاذ الخطوات الصحيحة لمنع التدهور الصحي، مثل عدم تناول المنبهات، وتناول طعام صحي متوازن، والحصول على الفيتامينات، والنوم بالقدر المناسب، ومحاولة بذل مجهود عضلي –كالمشي- لتفريغ الطاقات الكامنة.
أهم العوامل التي يجب موازنتها عند الإرشاد:
- طول العلاقة الزوجية.
- مدى الرضا الزواجي.
- عدد الأبناء وأعمارهم.
- مزايا الطرف الآخر.
- مدى تكرر الخيانة.
الخطوات الأمثل للزوجة من ناحية التعامل مع الزوج:
- التأكد من ارتكاب الزوج للخيانة.
- المواجهة هي الوسيلة الوحيدة لحل المشكلة.
- إدراك أن الانحراف تدريجي، يزيد مع الوقت.
- عدم إطلاع أحد من الخارج على حدوث الخيانة.
- البعد عن التقليل من قيمة الزوج.
- تذكر أن الأسرة محتاجة إلى الزوج.
أيهما أفضل مع الخيانة: الاستمرارية أم الانفصال:
عند وقوع الخيانة الزوجية يصبح الاختيار صعبا بين الطلاق والبقاء، وتكون المعاناة عند النساء أكثر، وفيما يلي بعض المحددات المهمة في اتخاذ القرار:
- مستوى الخيانة وحجمها.
- سن الزوج.
- فرص المرأة في الزواج مرة أخرى.
- مستوى العلاقة الزوجية.
- وجود الأولاد من عدمه.
- مدى قدرة الأم على رعاية الأولاد.
الوقاية من الخيانة الزوجية:
الوقاية هي الصيانة والحماية، وعلى المرشد أن يوجه الزوجين إلى المسارات الوقائية، بأن يساند بعضهما البعض الآخر، بما ينمي العلاقة الزوجية ويصونها ويحميها، كما يلي:
- التقوية: تقوية الثقة والاحترام بالنفس أولاً، بالتأثير على الاتجاهات الداخلية لدى المسترشدة، بالخطوات التالية:
- ماذا أريد؟ سؤال يجب أن يساعد به المرشد المسترشدة في الإجابة عليه، وبالتالي صياغة الخطط قصيرة وطويلة المدى.
- تعديل التصورات والمعتقدات تجاه النفس وتجاه العلاقة، مع تغيير النزعة للكمال.
- تغيير الأولويات بتغيير القيم وفق الاحتياجات الحالية للمسترشدة.
- توظيف القدرات الجسدية والذهنية والنفسية للمسترشدة في أدوارها الصحيحة في حياتها الزوجية، فلابد من تصحيح مسار جهد المرأة وتفانيها البطولي، وتوفير الوقت والجهد لأولويات أخرى.
- تحقيق الطموحات بحيث تقوم المسترشدة بنقلة كبرى في حياتها، بعمل مشروع صغير، أو استثمار أموالها، أو الالتحاق بوظيفة أو عمل تطوعي، أو تكملة دراستها الجامعية.
- الحماية: وهي المسار الثاني في الوقاية من الخيانة الزوجية، وتختص بعلاج وبناء العلاقة الزوجية، وعلى المرشد أن يكون واقعياً فيما يقدمه للزوجات لتبني رؤى جديدة إيجابية لعلاقتها مع زوجها. ووسائل الحماية تتلخص فيما يلي:
- النضج في الفهم والإدراك: أي فهم الواقع، وفهم شريك الحياة من جديد.
- الرغبة القوية في التغيير: بانتهاج أسلوب حياة جديد معزز للعلاقة الزوجية، وبزيادة الثقة في النفس، والالتزام بالعمل على تحقيق الغاية من العلاقة الزوجية.
- فن ترويض العلاقة واكتساب الذكاء: ويظهر في المبادرة بالسلوكيات والتفاعلات الإيجابية لتصبح سائدة في العلاقة، والسفر والنزهات، وتعلم مهارات التواصل اللفظي وغير اللفظي، واستخدام المحفزات الأنثوية لجذب الزوج.
وللوقاية ثلاث مراحل:
- الوقاية من الدرجة الأولى: وتركز هذه المرحلة على منع ظهور المشكلة أصلاً، من خلال تبصير الأسرة بضرورة إزالة العوامل التي تسهل حدوث الخيانة. فمتى ما تم تقويم السلوكيات الخاطئة قبل الدخول في الزواج، سيكون هذا كافيا لحمايته من الضرر اللاحق.
- الوقاية من الدرجة الثانية: وتركز هذه المرحلة على اكتشاف المشكلة، والعمل على علاجها قبل أن تكبر. وفيها يمكن الاستعانة بأحد المختصين الثقات، فالوقوع في الخطأ ليس عيباً، وإنما العيب هو الاستمرار فيه.
- الوقاية من الدرجة الثالثة: وتركز هذه المرحلة على منع التدهور الجسدي والنفسي والاجتماعي الناتج عن المشكلة، إذ يجب أن يكون هناك تدخل قوي بعد اكتشاف وقوع الخيانة؛ لحماية الطرف الخائن من الاستمرار في الانحراف، وحماية الأسرة من التفكك.